تشمل الغدد اللعابية على عدد ضخم من الغدد بتجويف الفم، والتي تتميز بدورها الحيوي في بلع وهضم الطعام، ولكن قد يصاب البعض بمرض نادر، مثل سرطان الغدة اللعابية، مما يمنعها من القيام بدورها بشكل سليم، وفي هذا المقال، نستعرض أهم أعراض وأسباب ذلك المرض وكيف يمكن علاجه
سرطان الغدة اللعابية
سرطان الغدة اللعابية بالانجليزي هو Salivary gland cancer، وهو أحد أنواع أورام الرأس والرقبة التي تقوم بإصابة الغدد اللعابية، وهي الغدد التي تقوم بإنتاج اللعاب الذي يشتمل على إنزيمات تساهم في عملية الهضم الجزئي بالفم قبل بلعها، بالإضافة إلى دورها في ترطيب الفم.
تنقسم الغدد اللعابية إلى نوعين، وهما الغدد اللعابية الرئيسية والغدد الصغيرة، وبإمكان الورم أن ينشأ بأي منها، والغدد اللعابية الصغيرة هي عبارة عن مئات الغدد الصغيرة التي لا ترى بالعين المجردة، والتي تنتشر تحت بطانة اللسان والشفتين وسقف الفم والأنف وداخل الخدين والحنجرة والجيوب الأنفية، ونادرًا ما تظهر الأورام بتلك الغدد الصغيرة، إلا أنها ستكون في الغالب من النوع الخبيث.
أما الغدد اللعابية الرئيسية، فتتضمن ما يلي:
- الغدد النكافية: وهي أكبر الغدد اللعابية، والتي تقع أمام الأذنين، ويعد هذا أشهر مكان يمكن تكون اورام الغدة اللعابية به، وتكون معظمها أورامًا حميدة، إلا أنها قد تكون سرطانية ببعض الأحيان.
- الغدد تحت الفك السفلي: تقع تلك الغدد تحت الفك السفلي بكل جانب، والتي يظهر بها ما يقرب من 10 إلى 20% من أورام الغدد اللعابية، والتي يكون نصفها من النوع الخبيث.
- الغدد تحت اللسان: وهي أصغر أنواع الغدد اللعابية الرئيسية، والتي تقع تحت اللسان بكل جانب، ونادرًا ما تُصاب بالأورام.
سرطان الغدة اللعابية عند الاطفال
يعد سرطان الغدة اللعابية من الأمور النادر حدوثها عند الأطفال، حيث يمثل أقل من 1% من كل سرطانات الأطفال حول العالم، ويمكن أن يكون العلاج المسبق بالكيماوي أو بالإشعاع أحد عوامل الخطر للإصابة به بمرحلة الطفولة.
اعراض سرطان الغدة اللعابية
تختلف سرطان الغدة اللعابية واعراضه تبعًا لحجم الورم وموقعه ومدى انتشاره، وتشمل أعراضه الشائعة على ما يلي:
- وجود تورم أو كتلة في الرقبة أو أمام الأذن.
- تنميل أو خدر في الوجه.
- ضعف أو ارتخاء بإحدى جانبي الوجه.
- حدوث تقرح أو انتفاخ داخل الفم، والذي لا يختفي بل قد يزداد سوءًا بمرور الوقت.
- صعوبة فتح الفم كاملًا أو بالبلع.
- ألم غير عادي بالذقن أو الوجه أو الرقبة.
- نزيف الفم.
- جفاف الفم.
اسباب سرطان الغدة اللعابية
لا يوجد أسباب معروفة وواضحة وراء الإصابة بسرطان الغدة اللعابية، ولكن يوجد بعض من عوامل الخطر التي قد تزيد من فرص الإصابة به ومنها ما يلي:
- وجود تاريخ عائلي للإصابة بورم الغدد اللعابية
- التدخين.
- التقدم في العمر.
- التعرض للعلاج الإشعاعي، وذلك في حالة الإصابة بأنواع أخرى من أورام الرقبة والرأس.
- الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة.
- اتباع نظام غذائي غني بالدهون الحيوانية، مثل السمنة والزبدة وقليل الخضراوات.
- التعرض المستمر لبعض من المواد الكيميائية خلال العمل بالمجالات الصناعية، مثل المطاط، المعادن، السباكة، النجارة والاسبستوس.
- الإصابة بالعدوى الفيروسية، مثل فيروس الإيدز HIV، أو فيروس HPV، أو فيروس إبشتاين بار EBV.
تشخيص سرطان الغدة اللعابية
عادة ما يبدأ تشخيص سرطان الغدة اللعابية بفحص بدني شامل لكل من الفم والمناطق المحيطة، مثل الفك والوجه والأذنين؛ للبحث عن أي تورمات وكتل غير طبيعية، ثم يتم بعدها إجراء بعض الفحوصات؛ للتأكد من الإصابة بالورم، ومعرفة نوعه وحجمه، ومن تلك الفحوصات ما يلي:
1- التنظير الأنفي
والتي يقوم الطبيب فيها باستخدام منظار مرن ورفيع، مزود بضوء وكاميرا صغيرة لفحص الفم والأنف من الداخل، بحثًا عن أي تغيرات أو كتل غير طبيعية.
2- التصوير الطبي
يساهم التصوير الطبي في الكشف عن الورم، ومعرفة مكانه وحجمه ومدى انتشاره، ومن تلك الفحوصات ما يلي:
- الأشعة السينية (X ray).
- الموجات الفوق صوتية (Ultrasound).
- الأشعة المقطعية (CT scan).
- الرنين المغناطيسي (MRI).
- الصورة النووية (PET).
3- الخزعة
تعد أكثر الفحوصات دقة للكشف عن سرطان الغدة اللعابية، ويتم فيها أخذ عينة من الأنسجة للقيام بفحصها تحت المجهر، ويقوم الطبيب باختيار نوع الخزعة المناسب لحالة المريض، فمنها ما يلي:
- الخزعة بالإبرة الرفيعة (FNA biopsy): والتي يُستخدم فيها إبرة رفيعة لسحب عينة ضئيلة من الأنسجة، وتعد تلك الطريقة هي الأكثر شيوعًا عند شك الطبيب بوجود سرطان الغدة اللعابية.
- الخزعة الجراحية: ويقوم الطبيب بفتح شق صغير لأخذ جزء من الأنسجة خلال الفحص.
علاج سرطان الغدة اللعابية
يعتمد علاج اورام الغدد اللعابية على نوعها، موقعها، حجمها ومدى انتشارها، وتشمل طرق علاجها على ما يلي:
1- الجراحة
عادة ما يتم علاج سرطان الغدة اللعابية بعملية جراحية لإزالة الورم، وقد تشمل الجراحة ما يلي:
- إزالة الجزء المصاب من الغدة اللعابية: عندما يكون الورم ضئيلًا، ويتواجد في مكان سهل الوصول إليه، يقوم الطبيب بإزالة الورم وجزء صغير من بعض الأنسجة السليمة حوله.
- إزالة كامل الغدة اللعابية: في حالة كان الورم أكبر حجمًا، يوصي الطبيب حينها بإزالة الغدة اللعابية بشكل كامل، وعند امتداد الورم للأنسجة المجاورة يتم إزالتها أيضًا، وقد تشمل الأنسجة المجاورة على الأعصاب الوجهية أو القنوات الواصلة بين الغدد اللعابية والجلد وعظام الوجه.
- إزالة العقد اللمفية بالرقبة: في حالة كان الورم سرطانيًا، فقد يكون هناك احتمالية أكبر لانتشار السرطان للعقد اللمفوية، وقد يوصي الطبيب بإزالة بعض من العقد الليمفاوية من الرقبة لفحصها للكشف عن السرطان.
- الجراحة الترميمية: يوصي الطبيب بعد إزالة الورم بإجراء جراحة ترميمية للمنطقة، وإذا تم إزالة الجلد أو العظام أو الأعصاب خلال الجراحة، يتم الاستبدال أو الترميم؛ للتحسين من قدرة المريض على البلع، المضغ وتحريك الوجه.
2- العلاج الإشعاعي
يتم استخدام الإشعاع للتخلص من سرطان الغدة اللعابية، وذلك من خلال استخدام حزم من الطاقة العالية، والتي يمكن توليدها من البروتونات أو الأشعة السينية وغيرهم، وغالبًا ما يتم ذلك بإجراء الحزم الإشعاعية الخارجية، حيث يستلقي المريض على طاولة خلال تحريك الجهاز من حوله، ليتم توجيه الإشعاع لنقاط معينة بجسمه.
يمكن أن يُستخدم العلاج الإشعاعي بعد الجراحة للتخلص من أي خلايا سرطانية متبقية، وفي حالة عدم إمكانية إجراء الجراحة لكبر حجم الورم أو وقوعه بمكان يجعل من استئصاله أمرًا خطرًا، فقد يتم حينها استخدام العلاج الإشعاعي فقط أو جمعه مع العلاج الكيميائي.
3- العلاج الكيميائي
العلاج الكيميائي يتم الاستعانة به بالتزامن مع الجراحة، وهو عبارة عن أدوية قوية يتم تناولها عبر عدد معين الجلسات يحدده الطبيب المعالج.
4- العلاج الاستهدافي
يستخدم العلاج الاستهدافي أدوية معينة لمهاجمة بعض المواد الكيميائية المحددة بالخلايا السرطانية، ويمكن لتلك العلاجات القضاء على الخلايا السرطانية، وذلك من خلال حجبها لتلك المواد الكيميائية، ويمكن استخدام تلك الطريقة من العلاج في حالة عدم إمكانية إزالة السرطان بالجراحة.
5- العلاج المناعي
يتم استخدام بعض الأدوية لمساعدة الجهاز المناعي على التخلص من الخلايا السرطانية، ويمكن استخدام العلاج المناعي مع حالات السرطان المتقدمة، والذي انتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم أو ذلك الذي تكررت عودته بعد علاجه.
سرطان الغدة اللعابية هل هو خطير؟
يتعافى أغلب المرضى بشكل تام بعد علاج ورم الغدة اللعابية في حالة تم تشخيصه وعلاجه مبكرًا، ويعتمد الأمر على عدة عوامل، مثل حجم الورم، مدى انتشاره، أي من الغدد اللعابية التي تحتوي على خلايا سرطانية، والحالة الصحية العامة للمريض.
يتم الإشارة إلى نسب الشفاء بمعدل البقاء على قيد الحياة لمدة زمنية معينة، والتي غالبًا ما تكون خمس سنوات، فإذا كان السرطان بالغدة فقط، فقد تصل نسبة البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات إلى 94% فأكثر، وفي حالة انتشر السرطان إلى عقد الليمفاوية القريبة أو الأنسجة المجاورة، فقد تقل النسبة إلى 70%، أما في حالة انتشاره إلى أنسجة وأعضاء بعيدة، فقد تصل النسبة إلى 43%، ولكن قد تختلف تلك النسب وفقًا للعوامل الفردية بين المرضى، مثل مدى الاستجابة للعلاج والصحة العامة وحالة الجسم.
وبهذا، يتضح أن سرطان الغدة اللعابية مثله مثل العديد من السرطانات التي تزيد فرص الشفاء منها بالوعي والتشخيص المبكر، فكن يقظًا دائمًا لأي تغيرات غير طبيعية، وعند ملاحظة أيًا من الأعراض التي ذكرناها، قم بالتوجه مباشرة إلى مركز أمراض الدم والأورام لزيادة فرص شفائك.