ما هو سرطان الأقنية الصفراوية؟ هو أحد أنواع السرطانات النادرة التي تصيب القنوات المسؤولة عن نقل العصارة الصفراوية من الكبد إلى الأمعاء، ويصعب اكتشافه في مراحله المبكرة، مما يجعله تحديًا طبيًا كبيرًا، وفي هذا المقال، سوف نتعرف على أسبابه وأعراضه وطرق علاجه.
ما هو سرطان الأقنية الصفراوية؟
سرطان الأقنية الصفراوية هو نوع من الأورام الخبيثة الذي ينشأ في الأنابيب الضيقة التي تنقل العصارة الصفراوية الهاضمة، والتي تصل بين الكبد والمرارة والأمعاء الدقيقة، ويُعرف هذا السرطان أيضًا باسم سرطان قنوات المرارة، وغالبًا ما يصيب الأشخاص الذين تجاوزوا الخمسين من العمر، لكنه قد يظهر في أعمار مختلفة كذلك.
أسباب سرطان الأقنية الصفراوية
لا يُعرف السبب المحدد وراء الإصابة بسرطان الأقنية الصفراوية، لكن هناك بعض العوامل التي قد تزيد من احتمالية الإصابة به، والتي منها:
- التقدم في العمر، وخاصًة بعد سن 65 عامًا.
- الالتهاب المزمن في القنوات الصفراوية، والذي قد ينجم عن بعض الحالات الصحية، مثل حصوات القناة الصفراوية، التكيسات الصفراوية، العدوى الكبدية بالطفيليات والارتجاع.
- التعرض للمواد الكيميائية الصناعية مثل المواد المستخدمة في صناعة الطائرات إحدى أسباب الإصابة بسرطان القنوات الصفراوية
- تشمع الكبد الناتج عن استهلاك الكحول أو الالتهاب الكبدي، حيث يتسبب بوجود ندبات تزيد من خطر الإصابة بالسرطان.
- التهاب القنوات الصفراوية المصلب الأولي، الذي يسبب تندبًا في القنوات الصفراوية، وهو من الحالات النادرة.
بالإضافة إلي ذلك، هناك عدة عوامل أخرى قد تساهم في زيادة خطر الإصابة به، مثل:
- مرض السكري.
- التهاب الكبد الفيروسي.
- شرب الكحول بكميات كبيرة.
ما هي أعراض سرطان الأقنية الصفراوية؟
تشمل أعراض سرطان الأقنية الصفراوية وعلاماته التي ينبغي استشارة الطبيب المعالج فور ظهورها الآتي:
- اصفرار الجلد وبياض العينين.
- حكة شديدة في الجلد.
- براز فاتح اللون.
- الشعور بالإرهاق والتعب.
- ألم في الجزء الأيمن العلوي من البطن أسفل الضلوع.
- فقدان الوزن غير المبرر.
- الحمى.
- التعرق أثناء الليل.
- البول الداكن.
سرطان القناة الصفراوية خارج الكبد
الأمراض المعوية الالتهابية وأمراض الكبد المحددة من العوامل التي قد تزيد من خطر تطور سرطان القناة الصفراوية خارج الكبد، ولكن لا يعني الإصابة بهذه الأمراض بالضرورة أن المريض سيصاب بالسرطان، كما أن الأشخاص الذين لا يعانون منها قد يصابون بهذا النوع من السرطان أيضًا، والنقطة الأساسية هنا هي أن الأفراد المصابين بهذه الأمراض يجب أن يكونوا تحت متابعة طبية دقيقة للوقاية والكشف المبكر.
ومن الأعراض المحتملة لسرطان القناة الصفراوية خارج الكبد:
- اليرقان، اصفرار العينين والجلد.
- شعور المريض بألم مستمر أو ألم متقطع في الجزء العلوي من البطن.
- قد يرافق السرطان ارتفاع في درجة حرارة الجسم.
- حكة في الجلد نتيجة لتراكم الصفراء في الجسم بسبب انسداد القنوات الصفراوية.
سرطان القناة الصفراوية داخل الكبد
يشكل سرطان القناة الصفراوية داخل الكبد 10% فقط من إجمالي حالات سرطان القناة الصفراوية، ويختلف هذا النوع من السرطان عن سرطان الخلايا الكبدية، الذي ينشأ من خلايا الكبد.
على الرغم من ذلك، في بعض الحالات النادرة، قد يتواجد النوعان من السرطان في نفس الوقت في نفس المريض، والجدير بالذكر أن السرطان الصفراوي داخل الكبد يتطلب تشخيصًا دقيقًا وعلاجًا متخصصًا، نظرًا لاختلافه عن أنواع السرطان الأخرى التي تصيب الكبد.
مراحل سرطان الأقنية الصفراوية
يتطور سرطان الأقنية الصفراوية عبر عدة مراحل، وتحديد المرحلة يساعد بشكل كبير على وضع خطة العلاج المناسبة، وتنقسم هذه المراحل كالتالي:
- المرحلة 1A: يكون السرطان محدودًا داخل القناة الصفراوية فقط.
- المرحلة 1B: يمتد السرطان خارج القناة الصفراوية، ولكنه لا يصل بعد إلى العقد الليمفاوية أو الأعضاء المجاورة.
- المرحلة 2A: ينتشر السرطان إلى بنكرياس الكبد أو الأوعية الدموية القريبة، دون وصوله إلى العقد الليمفاوية.
- المرحلة 2B: يصل السرطان إلى العقد الليمفاوية القريبة.
- المرحلة الثالثة: ينتشر السرطان إلى الشرايين الكبيرة التي تغذي الكبد أو يصيب الأمعاء الدقيقة والغليظة والمعدة، وكذلك العقد الليمفاوية في محيط المعدة.
- المرحلة الرابعة: يصبح السرطان في مرحلة متقدمة جدًا، حيث ينتشر إلى أعضاء بعيدة مثل الرئتين.
تشخيص سرطان الأقنية الصفراوية
عند الاشتباه في الإصابة بسرطان الأقنية الصفراوية، قد يوصي الطبيب بعدة اختبارات، وبعدها يقوم بتحديد مرحلة السرطان عبر فحوصات تصوير إضافية؛ لتقييم تطور المرض وتخطيط العلاج المناسب، ومن أبرز هذه الفحوصات:
- فحوصات وظائف الكبد: تساعد في توضيح الأسباب المحتملة للأعراض والعلامات الظاهرة للإصابة بسرطان القنوات الصفراوية
- قياس مستوى مستضد السرطان 19-9 (CA 19-9) في الدم: حيث قد يقدم هذا الفحص أدلة إضافية للطبيب، حيث يفرز هذا البروتين بكميات كبيرة في حالة الإصابة بسرطان القنوات الصفراوية، إلا أن ارتفاع مستواه لا يعد دليلًا قاطعًا على وجود السرطان، فقد يرتبط أيضًا بحالات مرضية أخرى، مثل التهاب أو انسداد القنوات الصفراوية.
- تصوير البنكرياس والقنوات الصفراوية بالمنظار (ERCP): عن طريق إدخال أنبوب دقيق مزود بكاميرا صغيرة عبر الجهاز الهضمي؛ لفحص القنوات الصفراوية، ويمكن أيضًا حقن صبغة لتوضيح الصور خلال الفحص.
- التصوير المقطعي أو التصوير بالرنين المغناطيسي: لتصوير البنكرياس والأوعية الصفراوية بالرنين المغناطيسي (MRCP) كبديل غير توغلي للتصوير بالمنظار، إذ يوفر صورًا ثلاثية الأبعاد دون الحاجة إلى صبغة.
- الخزعة: إذا كانت المنطقة المشتبه بها قريبة من الأمعاء الدقيقة، يمكن للطبيب أخذ خزعة أثناء إجراء ERCP، وللحالات داخل الكبد أو قريبة منه، قد يتم استخدام إبرة طويلة عبر الجلد للحصول على العينة، باستخدام تقنية الشفط بإبرة رفيعة.
علاج سرطان الأقنية الصفراوية
تعد نتائج فحوصات التصوير أساسًا مهمًا لتحديد خطة العلاج المناسبة لسرطان القناة الصفراوية، وتشمل طرق العلاج المتاحة ما يلي:
1- الجراحة
يعتبر علاج سرطان الأقنية الصفراوية بالجراحة خيارًا أساسيًا وفعالًا في الحالات التي يمكن فيها استئصال الورم بالكامل، وتعتمد الجراحة على إزالة الجزء المصاب من القناة الصفراوية، مع الحفاظ على الوظائف الحيوية المحيطة.
في حالة الأورام الصغيرة، يتم إزالة الجزء المصاب فقط، وتوصيل الأجزاء السليمة لضمان استمرارية التدفق الصفراوي، أما في الحالات الأكثر تقدمًا، فقد تتطلب العملية إزالة أنسجة إضافية مثل جزء من الكبد، البنكرياس، أو الغدد الليمفاوية القريبة؛ لتحقيق أفضل فرصة للقضاء على السرطان ومنع انتشاره.
2- زراعة الكبد
تعد زراعة الكبد خيارًا علاجيًا محتملاً لبعض مرضى سرطان الأقنية الصفراوية النقيري، خاصًة في الحالات التي لا يمكن فيها استئصال الورم جراحيًا، أو عندما يكون الكبد بأكمله متأثرًا، ويتم استبدال الكبد المصاب بكبد سليم مأخوذ من متبرع، ما يمنح المريض فرصة للشفاء وتحسين حياته.
على الرغم من أن زراعة الكبد قد تكون فعّالة، إلا أنها ليست خالية من التحديات؛ حيث يظل هناك خطر لعودة السرطان بعد الزراعة، ولتقليل هذا الخطر، قد يتبع زراعة الكبد علاج إضافي مثل العلاج الكيميائي أو الإشعاعي.
3- العلاج الكيميائي
يُستخدم العلاج الكيميائي كوسيلة فعّالة لتدمير الخلايا السرطانية أو الحد من نموها وانتشارها، وتعتمد هذه الطريقة على إعطاء أدوية كيميائية تستهدف الخلايا السرطانية سريعة النمو، ويمكن استخدام العلاج الكيميائي في:
- كإجراء داعم قبل زراعة الكبد: يُستخدم لتقليل حجم الورم أو السيطرة عليه لجعل المريض مؤهلاً لعملية الزراعة.
- بعد زراعة الكبد: حيث يُساعد في منع عودة السرطان وضمان بقاء الخلايا السرطانية تحت السيطرة.
- في الحالات المتقدمة: يُستخدم لتخفيف الأعراض وتقليل سرعة نمو الورم، مما يُحسن جودة حياة المريض حتى وإن لم يكن العلاج شافيًا بالكامل.
يعتمد نجاح العلاج الكيميائي في علاج سرطان الأقنية الصفراوية على نوع الدواء المستخدم، استجابة المريض، وحالته الصحية العامة، وغالبًا ما يُدمج مع علاج آخر مثل العلاج الإشعاعي أو المناعي لتحقيق أفضل النتائج.
4- العلاج الإشعاعي
يُستخدم هذا العلاج مصادر طاقة عالية مثل الفوتونات أو البروتونات لإتلاف الخلايا السرطانية، ويمكن توجيه الأشعة إلى الورم من خارج الجسم (إشعاع خارجي) أو وضع المواد المشعة بالقرب من الورم داخل الجسم (إشعاع موضعي).
5- العلاج الضوئي الديناميكي
هي تقنية متقدمة تستهدف الخلايا السرطانية بطريقة دقيقة وموجهة، يتم خلال هذا العلاج حقن دواء خاص حساس للضوء في الوريد، حيث يتراكم الدواء بشكل رئيسي في الخلايا السرطانية، نظرًا لنشاطها السريع في النمو.
بعد ذلك، يتم تسليط ضوء ليزر بطول موجي محدد على المنطقة المصابة، مما يؤدي إلى تفاعل كيميائي ينتج مواد سامة تقضي على الخلايا السرطانية، دون الإضرار الكبير بالأنسجة السليمة المحيطة، ومن مزايا هذا العلاج أنه يستهدف الخلايا السرطانية بدقة، ويمكن استخدامه لتخفيف الأعراض مثل انسداد القنوات الصفراوية.
6- تصريف الصفراء
يعد تصريف الصفراء إجراءًا ضروريًا لتحسين تدفق العصارة الصفراوية في الحالات التي يتسبب فيها الورم بانسداد القناة الصفراوية، يهدف هذا الإجراء إلى تخفيف الأعراض الناتجة عن انسداد القنوات، مثل اليرقان، الحكة، والغثيان وتحسين نوعية حياة المريض، ويتم اللجوء إلي تصريف الصفراء عن طريق:
- الجراحة الالتفافية: يتم إجراء عملية جراحية لإنشاء مسار جديد يتجاوز منطقة الورم، مما يسمح للعصارة الصفراوية بالتدفق بحرية إلى الأمعاء.
- تركيب الدعامات (Stenting): يتم إدخال أنبوب صغير داخل القناة الصفراوية باستخدام تقنيات التنظير أو الأشعة التداخلية؛ للحفاظ على القناة مفتوحة وضمان استمرار تدفق الصفراء.
يخفف تصريف الصفراء من الأعراض التي يسببها انسداد القناة الصفراوية، كما يساعد في تحسين وظائف الكبد، خاصًة إذا كان المرض قد أثر على تصريف الصفراء لفترة طويلة، ويمكن استخدامه كجزء من خطة علاجية شاملة، سواء قبل أي علاج أخر أو بعده.
كم يعيش مريض سرطان القناة الصفراوية؟
تعتمد فترة بقاء مريض سرطان الأقنية الصفراوية على عدة عوامل، مثل موقع السرطان، حجمه ومدى انتشاره، بالإضافة إلى الحالة الصحية العامة للمريض.
بالإضافة إلي ذلك، اكتشاف المرض مبكرًا وإزالة الورم بالكامل يزيد من فرص البقاء على قيد الحياة، وإذا لم يُعالج السرطان، تكون نسب البقاء على قيد الحياة حوالي 50% بعد عام، 20% بعد عامين، و10% بعد ثلاث سنوات، مع انخفاض كبير بعد خمس سنوات.
وفي العموم، تكون فرص البقاء أفضل لسرطان القنوات الصفراوية خارج الكبد مقارنًة بداخله.
نسبة الشفاء من سرطان الأقنية الصفراوية
تعتمد نسبة الشفاء من سرطان الأقنية الصفراوية على مرحلة المرض وموقع الورم وصحة المريض، وفي المراحل المبكرة ومع إمكانية إزالة الورم جراحيًا، قد تصل نسبة الشفاء إلى 30% أو أكثر.
أما في المراحل المتقدمة مع انتشار السرطان، تكون فرص الشفاء ضعيفة جدًا، وتُستخدم طرق العلاج المختلفة لتحسين جودة الحياة وزيادة العمر المتوقع.
في الختام، سرطان الأقنية الصفراوية من الأمراض التي تتطلب التشخيص المبكر والرعاية الطبية المتخصصة لتحقيق أفضل فرص العلاج، وإذا كنت بحاجة إلى استشارة طبية أو رعاية شاملة، فإن مركز أمراض الدم والأورام يقدم خدمات متقدمة بإشراف أطباء مختصين، لا تتردد في التواصل معنا للحصول على الدعم والعناية التي تستحقها.
